Saturday, March 7, 2015

اليوم العالمي للمرأة




يومٌ واحد لا يختصر حياة كاملة من العطاء ولا يفيها حقّها، ولكن...                        هو يوم المرأة العالمي، يوم تكريم وتذكير بدورها وتضحياتها وكل ما قدّمته للبشريّة، يوم  برسم الإنسانيّة...
الإنسانيّة التي لا يتمتّع بها كل الناس، بل هي حكرٌ على المجتمعات التي تحترم حقوق الإنسان ايًّا كان، ولا تميّز جنسه ولون بشرته وحقّه بالتميّز.
وهنا لا يسعني الاّ ان افكّر بوضع الإنسان ككلّ، وبالأخصّ وضع المرأة المزري في بعض مجتمعاتنا، التي تعزلها في قوقعة من الخوف والشكّ وعدم الثقة بنفسها اوّلاً وبالآخرين تاليًا.
وأتساءل عن الأسباب التي تؤدي بمجتمع ما الى رفض التطوّر الطبيعيّ في العلاقات الإنسانيّة، ورفض سبل العدل والمساواة بين المرأة والرجل.
قد يعتقد البعض ان السبب يعود لفقدان الوعي عند الرجل لجهة تحكيم عقله واعتبار المرأة نصف المجتمع، والسماح لها بالمشاركة الفعّالة وأخذ القرارات والعمل، الخ...
انا اعتقد العكس تمامًا... ان الرجل في هذه المجتمعات السابق ذكرها يتصرّف بأنانيّة وليس بقلة وعي، هو يخاف على نفسه ومكانته من قدراتها واحلامها، يهاب المنافسة لأنها تنال من رجولته...
وهي لا تشعر بالأمان حتّى وان استطاعت الحصول على بعضٍ من حقوقها، لأنها مكتسبات مطبوعة بمعارك قاسية ودامية في بعض الأحيان، وتضعها دومًا في دائرة الخطر.
 اذًا ان المشكلة تتمثّل بالجو الذكوري او الأبوي الذي تربّى عليه الرجل منذ اللحظة الأولى عندما هلّلت النسوة لولادة الصبيّ، الذكر الذي سيحمل اسم العائلة !!!
وتجهّمت النسوة انفسهن لولادة البنت ولذن بالصمت، الاّ من عبارات مثل "بشارتها صعبة"
نعم ان مجتمعاتنا تعاني من الجهل الى حدّ الألم، فلو فكّرنا للحظة من هو المسؤول الأوّل عن المشكلة، يتّضح لنا انّها المرأة نفسها، لأنها عانت الظلم طويلاً فتعوّدت ان تظلم نفسها من خلال استسلامها وتربية اولادها بالذهنية المريضة عينها...
ممّا ساعد تلقائيًّا في النظر اليها نظرة دونية، ما أدّى الى شرعنة احتقارها وإغراقها في الجهل كي لا تنتفض وتواجه قدرًا رسمه الآخرون لها، وحين تتجرّأ امرأة ما ان ترفع الصوت في وجه الظلم تُعاقب أشدّ العقاب من وليّ امرها، ابًا كان ام اخًا ام زوجًا كي تكون عبرة لبني جنسها.
قد يقول البعض ان هذا الواقع لا يشبهنا، وان الرجال تتفاوت مقاربتهم للموضوع كلّ بحسب خلفيّته الأخلاقيّة والدينيّة والثقافيّة، هذا صحيح والتعميم لا يجوز، لكن صدقوني إن امعنّا النظر قليلاً حولنا لوجدنا انه واقع موجود فعلاً وان كان مخفيًّا خلف المظاهر.
لكنّ هذه الصورة وان كانت سوداوية بعض الشيء، تظلّ مقبولة نسبيًّا اذا ما قارنّاها بما يحصل الى اليوم في بعض المجتمعات الظلمويّة التكفيريّة، ففي القرن الواحد والعشرين، عدنا نرى أسوأ انواع العبوديّة الجسديّة والفكريّة والعاطفيّة، وعادت المرأة تُقدَّمُ فريسة  سهلة على مذبح التقاليد العشائريّة والقبليّة، وتُستعبد جنسيًّا، وتؤخذ سبيّة حرب من بعض الجماعات التي فقدت انسانيتها واعتنقت مبدأ القسوة والظلم والإجرام.
نعم، ان المرأة ضحيّة الماضي دون ادنى شكّ، ضحيّة التربية المنزليّة والجهل الذي يلاحقها ويُعشّش في لاوعيها، ضحيّة رجال الدين الذين يحدّون دورها بخدمة الرجل وابنائه!! نعم هم ابناؤه حتّى ولو حملتهم في احشائها وتحمّلت آلام المخاض والسهر والتعب والتضحيات، يبقون ابناءه، ملكه، ذريّته...
ضحيّة الدين الذي يضعها في المرتبة الثانية، عندما جعلها الله ضلعًا من ضلوع الرجل، اي مكمّل له حسب التفسيرات الدنيويّة، بينما هي شريك له حسب التفسيرات السماويّة...
واخيرًأ أحبّ ان أتوجّه الى الرجل قائلةً انت لم تولد قويًّأ وقوّامًا على المرأة، انت فقط انسان محميّ من مجتمع ذكوري وضع قوانينه رجل آخر.
 والمرأة ليست مخلوقًا ضعيفًا بل هي تحارب وحدها ودون سند حتّى من افراد عائلتها التي تكون في معظم الأحيان جلاّدها الأوّل !!!
بقلم حياة عون


No comments:

Post a Comment